responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 9  صفحه : 4
هَذِهِ ثَمَرَةُ الِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ، أَيْ يُمَتِّعُكُمْ بِالْمَنَافِعِ من سَعَةِ الرِّزْقِ وَرَغَدِ الْعَيْشِ، وَلَا يَسْتَأْصِلُكُمْ بِالْعَذَابِ كَمَا فَعَلَ بِمَنْ أَهْلَكَ قَبْلَكُمْ. وَقِيلَ: يُمَتِّعُكُمْ يُعَمِّرُكُمْ، وَأَصْلُ الْإِمْتَاعِ الْإِطَالَةُ، وَمِنْهُ أَمْتَعَ اللَّهُ بِكَ وَمَتَّعَ. وَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: الْمَتَاعُ الْحَسَنُ تَرْكُ الْخَلْقِ وَالْإِقْبَالِ عَلَى الْحَقِّ. وَقِيلَ: هُوَ الْقَنَاعَةُ بِالْمَوْجُودِ، وَتَرْكُ الْحُزْنِ عَلَى الْمَفْقُودِ. (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) قِيلَ: هُوَ الْمَوْتُ. وَقِيلَ: الْقِيَامَةُ. وَقِيلَ: دُخُولُ الْجَنَّةِ. وَالْمَتَاعُ الْحَسَنُ عَلَى هَذَا وِقَايَةُ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَأَمْرٍ مَخُوفٍ، مِمَّا يَكُونُ فِي الْقَبْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْوَالِ الْقِيَامَةِ وَكَرْبِهَا، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، لِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ:" وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ" [1] [هود: 52] وَهَذَا يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ وَهُوَ الْأَجَلُ الْمُسَمَّى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ مُقَاتِلٌ: فَأَبَوْا فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَابْتُلُوا بِالْقَحْطِ سَبْعَ سِنِينَ حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ الْمُحْرِقَةَ وَالْقَذَرَ وَالْجِيَفَ وَالْكِلَابَ. (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) أَيْ يُؤْتِ كُلَّ ذِي عَمَلٍ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ جَزَاءَ عَمَلِهِ. وَقِيلَ: وَيُؤْتِ كُلَّ مَنْ فَضُلَتْ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ" فَضْلَهُ" أَيِ الْجَنَّةَ، وَهِيَ فَضْلُ اللَّهِ، فَالْكِنَايَةُ فِي قَوْلِهِ:" فَضْلَهُ" تَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ مَا يَحْتَسِبُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ كَلَامٍ يَقُولُهُ بِلِسَانِهِ، أَوْ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ بِيَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ، أَوْ مَا تَطَوَّعَ بِهِ مِنْ مَالِهِ فَهُوَ فَضْلُ اللَّهِ، يُؤْتِيهِ ذَلِكَ إِذَا آمَنَ، وَلَا يَتَقَبَّلُهُ مِنْهُ إِنْ كَانَ كَافِرًا. (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ كَبِيرٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ. وَقِيلَ: الْيَوْمُ الْكَبِيرُ هُوَ يَوْمُ بَدْرٍ وَغَيْرُهُ: وَ" تَوَلَّوْا" يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيًا وَيَكُونُ الْمَعْنَى: وَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ لَهُمْ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبَلًا حُذِفَتْ مِنْهُ إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَالْمَعْنَى: قُلْ لَهُمْ إِنْ تَتَوَلَّوْا فإني أخاف عليكم. قوله تعالى: إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ) أَيْ بَعْدَ الْمَوْتِ. (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) مِنْ ثَوَابٍ وَعِقَابٍ.

[سورة هود (11): آية 5]
أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (5)

[1] راجع ص 50 فما بعد من هذا الجزء.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 9  صفحه : 4
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست